الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب | فن
#الفنان #السوداني #أبو #عركي #البخيت #فنار #في #زمن #الحرب #فن
في ظل الحرب السودانية الحالية، يسارع جنود الجيش الوطني وجنود الدعم السريع لالتقاط الصور مع عملاق المطرب السوداني أبوعركي البهيت، الذي لم يغادر منزله منذ بداية الحرب، معلناً رفضه لذلك وإصراره على رفض التهجير هو الفنان الذي كرّس حياته للوقوف إلى جانب شعبه.
منذ بداية الحرب وحتى الآن، أصبح منزل الفنان أبو عراكي البهيت عبارة عن بيان عسكري قصير، يوضح سير العمليات العسكرية بين الجانبين في ظل التأرجح بينهما. ومن يسيطر على المدينة، جنوده يزورون منزل البهيت بحي العارضة بأم درمان، ليلتقطوا الصور معه ويرسلوها على شبكات التواصل الاجتماعي، لتأكيد سيطرتهم العسكرية على المدينة، ينتصر البيت ويسيطر على المدينة.
وفي مايو 2020 أيضًا، عندما اجتاح وباء كورونا (كوفيد-19) العالم والسودان، كان مطربنا الأشهر أبوعركي البهيت وعائلته أول من أصيب بالعدوى. ثم قامت لجان مقاومة حي عراد الذي يتوسط مدينة أم درمان، بمحاصرة منزل الفنان أبوعركي البهيت الذي يسكن الحي. والتلويح له في مشهد تضامني أسطوري، جعل البهيت يظهر أمامهم من سطح منزله، يتبادل التحية، ويلوح لهم وهو يرتدي الكمامة.
ولد المطرب والملحن أبوعركي البحيط الطيب فضل المولى في حي الدباحة بمدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان عام 1947. نشأ الباهيت في مدينة أنجبت العديد من الموسيقيين السودانيين، منهم عبقرية الأغنية السودانية الحديثة إبراهيم الكاشف، الذي عاش فترتين فنيتين وكان رائدا في إدخال الآلات الموسيقية الحديثة للشعر السوداني، واستوعب عبقرية مدرسته الموسيقية.
وتقع مدينة ود مدني وسط السودان، ضمن هذا المناخ الفني والثقافي في بداية الستينيات، قرر البهيت، في سن مبكرة، الانتقال إلى عاصمة السودان أم درمان، حيث أتيحت له فرص الغناء . ويظهر في الإذاعة والتلفزيون، ويبدأ مسيرته المهنية في عالم الموسيقى والشعر.
التحق الباهيت بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح عندما تأسس عام 1968 ليدرس علوم الغناء والآلات في بيت مدراش، التقى بشريكته في رحلة الحياة الدكتورة عفاف الصادق حمد النيل وشكلوا معًا ثنائيًا مغنيًا وملحنًا وشاعرًا أثرى المكتبة الشعرية بالعديد من الأعمال الرائعة.
تجديد ضخم
وتميزت أولى أغاني أبوعركي بألحان مع إيقاع راقص مثل “يا حبايب عيونكم روعة” و”طبل الحب والخطوبة” و”نور النوار” و”مرسال الشوق” و”قصة حبي”. الحب”، ولمع نجمه في زمن العرب وجزر الأزور بقصيدته “خافوا”. الذي وعد بالفوز بالمركز الأول في مهرجان المغني العربي بدمشق عام 1976 وهو لم يتجاوز الثلاثين من عمره، ونعم تدفق شلال الأغاني فبلغت أكثر من 60 أغنية في مكتبات الإذاعة والتلفزيون السودانية وفي المسارح حول العالم.
ويصفه صديق عمره وزميله في مسيرته الفنية الموسيقار السوداني يوسف الموصلي، بـ”أبو عرقي البهيت أحد عمالقة الإبداع في الموسيقى السودانية، فهو نموذج للاعتماد على الذات والرغبة في الإبداع”. تطوير وتحديث بينما كان أبو عرقي أمامي في الفصل أثناء دراستنا في معهد الموسيقى والدراما، وكان فصله الفنان الراحل خليل والتاج مكي وعمر الحزين وغيرهم من أساطير الموسيقى السودانية على معظم الأعمال التي وزعها الأساتذة الكوريون في معهد الموسيقى كأعضاء في الكورال، وذهبنا في رحلة فنية إلى آسيا وأوروبا الشرقية، وكان لي شرف نشر أغنيته. “والثانية” صدرت ضمن الألبوم الذي يحمل نفس الإسم من إنتاج شركة “حصد” السودانية للإنتاج “تكني”.
ويواصل الموسيقار موصلي في حديثه للجزيرة نت “أبو أراكي فنان وإنسان صاحب أخلاق حميدة والتزام وحب وشغف أسطوري للسودان، ومواقف أراكي الفكرية ترتكز على الانحياز للإنسانية وحرية التعبير”. في السياسة، أراكي له ميول وعواطف يسارية -في رأيي- ولكن بشكل مستقل لا يسمح لأحد بالتدخل فيه، وظلت إدانة طغيانه ثابتة طوال فترات الدكتاتورية التي ابتلي بها السودان مثل المرض العضال.
ويقول صديقه المقرب الفنان والمصور المعروف عصام عبد الحافظ: “أبو عرقي البهيت فنان ملتزم بأهداف شعبه المحب للحرية والديمقراطية والسلام”.
يقول عبد الحفيظ: “سيرة أراكي هي سيرة استقرار. تعرفت عليه عندما كنت على وشك التخرج من كلية الآداب مطلع الثمانينات، كانت لدينا كل الأحلام والآمال في التغيير في حياتنا. الديكتاتوريات التي حكمت السودان أوصلتنا إلى هذه الهاوية بعد انقلابات متتالية استمرت حتى… 4 عقود وأكثر.
ويتابع الأستاذ عصام عبد الحافظ: “ظل أبوعركي شامخًا، صامدًا، مؤنسًا وصديقًا للجميع، عندما امتدت ويلات القهر إلى الفضاءات الإبداعية لمسرح أبوعركي وشعره وتشكيله في ذلك الوقت بقرار مقاطعة الهيئات الحكومية و” المؤسسات المرتبطة بهم”.
وتابع: “قاطع البهيت الإذاعة والتلفزيون السوداني الرسمي قرابة ثلاثة عقود، لكنه استمر في الغناء دعماً للمجتمع المدني، وكتب أحلام الشعب بالشعر، وغناها ليشهد على انتمائه إليه. الشعب الصابر وبقي كالجبل العالي داخل البلاد حتى جاءت الحرب وشردتنا، وتشردنا جميعاً إلى أماكن مختلفة”. لكن صديقي أبو أراكي بقي ثكولا وحزينا في منزله في أم درمان، رغم الأهوال والمصاعب. رمزاً للصمود ورفع الشعار السوداني ورفض الخروج من أم درمان”.
وحتى عام 2015، استمر أبوعراكي البهيت، رغم وحشية السلطات ضده والنضال ضد حفلاته، في الغناء لجمهوره في أندية الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، مقابل مبلغ بسيط لا يتجاوز 50 جنيها. وعندما أوقفت السلطات حفلاته في ذلك الوقت، تضامن معه الشعب السوداني احتراما لموقفه المتحيز لقضاياه.
وتقاسم كل هذه الهموم والصراعات مع شريكته الدكتورة عفاف الصادق حمد النيل التي غادرت البلاد اضطرت لإعالة أسرتها بعد أن تعب شريكها معين بعد توقف حفلاته فسافرت إلى الخارج لتكون جامعة. أستاذة في كلية البنات التابعة لجامعة جازان في المملكة العربية السعودية، وقد صعدت روحها إلى مثواها هناك في 2 يناير 2018، في مستشفى الصبية بمنطقة جازان السعودية.
وكانت الدكتورة عفاف شاعرة رائعة، كتبت لأبي عراكي العديد من القصائد التي تحولت إلى قصائد جميلة تحكي عن حبهم وأحلامهم للوطن، وكانت تكتب له وهي تودعه.
اليوم الذي تقول فيه أنك ستسافر
مع الحب بين ملابسك
شان يلمسك
وكل ما ترتديه
ستجد قلبي ولي أمرك
وكتب لها أبو أركي وهي مسافرة:
يوم خروجك من البلاد
منزلك مرصع باللون الأسود
خيم الحزن على جميع الأيتام
وانتشر بين العباد
بقي الناس آمنين
وسافرت عفاف وذهبت بعيدا عنه، فكتب وغنى لها العديد من الأغاني، آخرها أغنية “المفردة” التي غناها الأسبوع الماضي في عيد ميلادها السادس، والتي قال فيها وهي دولة السودان بعد ذلك، وكرر وعده لها بالتمسك بمبادئهم التي وثقوا بها معًا حتى الآن، وتحدث معها في حوار يتحدث الحبيب عن أبنائها، وكيف يتذكرها الجميع دائمًا ويدعو لها الرحمة والقبول.
وشارك أبوعركي البحيط خارج السودان في العديد من المهرجانات في العواصم العربية والأوروبية والأمريكية، وكان أشهرها مشاركته في ختام مهرجان “سوق واقف أبيب” في العاصمة القطرية الدوحة عام 2014. كما شارك شارك في الحفل الختامي لابنه الأكبر محمد المجتبى من جامعات الموسيقى العالمية الشهيرة جامعة بيركلي للموسيقى في بوسطن.
كانت سيرة فنان أصبحت بوصلته الأخلاقية قدوة، وأصبح منزله منارة ترشد سفن طرفي الحرب إلى الشواطئ المدنية لتخبرهم أن سفينتهم هي الناجية المرشدة والمنارة هي المرشدة. من السفن، وكان بيت أبو عرقي البهيت منارة هذه الحرب اللعينة.
#الفنان #السوداني #أبو #عركي #البخيت #فنار #في #زمن #الحرب #فن