رحلة السقوط الحر.. المخرج شريف عرفة تحت المجهر
#رحلة #السقوط #الحر. #المخرج #شريف #عرفة #تحت #المجهر
بدأت مسيرة المخرج شريف عرفة تقريبًا في منتصف الثمانينيات، وقدم على مدار أربعة عقود أفلامًا متنوعة يصعب أحيانًا تصور أنها جميعها تأتي من نفس المبدع.
وبينما يتمكن بعض المخرجين الذين يواصلون عملهم سنوات طويلة من الحفاظ على نفس مستوى النجاح والتجديد -ومنهم على سبيل المثال الأمريكي مارتن سكورسيزي والمصريان يوسف شاهين ومحمد خان- فإن هناك العديد من المخرجين الذين يفقدون بوصلتهم في منتصف الطريق. العملية واللوحة من مشروع متواضع إلى آخر، وللأسف هي ملك لهؤلاء، خاصة في العشر سنوات الأخيرة، وهنا نضع تحت عدسة المجهر آخر أفلامه لتوضيح أسباب تراجع المخرج الذي هو عليه . يعتبر من ألمع أعضاء جيله.
ليس كل مخرج ناجح هو كاتب ناجح بنفس القدر
في عام 1962، صاغ الناقد الأمريكي أندرو ساريس مصطلح “نظرية المؤلف” للتعريف بنوع خاص من المخرجين السينمائيين الذين يملكون سيطرة كاملة على مشاريعهم، وغالباً ما تشمل هذه السيطرة مؤلف هذه الأفلام. بالنظر إلى أفلام عرفة الأخيرة، نجد أن طموحه في أن يصبح مخرجًا خارقًا هو أقوى ضربة قاضية تلقاها في مسيرته المهنية.
ويمكن تقسيم المراحل المختلفة في مسيرة عرفة بحسب المبدعين الذين عمل معهم، فنجد أن طابع هؤلاء الكتاب ساهم بشكل واضح في تشكيل خصائص كل مرحلة، بدءاً من تعاونه مع ماهر عوض في أفلامه الأربعة الأولى، ومنها “” “سماع حص” و”يا مهلبية يا”، وهما في الأساس كوميديا اجتماعية كوميدية، ثم أهم مرحلة وصلت إلى يد الراحل وحيد حامد، والكوميديا التي تنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية والطبقية، بدأت مع فيلم “اللعب مع الكبار” وتعاونهما مع النجم عادل إمام حتى نهاية هذه المرحلة مع أحد أفلام التسعينات اللطيفة “اضحك الصورة تطلع” بطولة أحمد زكي.
وأظهر عرفة ذكاءً كبيراً عندما ترك هذه المرحلة وأصبح أحد أهم مخرجي الموجة المضحكة الجديدة في نهاية التسعينيات وبداية الألفية عندما بدأ تعاونه مع السيناريست أحمد عبد الله والممثل الراحل علاء والي. الدين أولاً مع “عبود على الحدود” ومن ثم الفيلم الذي غيّر شكل الكوميديا بشكل كبير وأخرج إحدى شخصياتها الشهيرة والمبدعة وهي فيلم “النزار” وشخصية “ال-“. “الليمبي”، وهو ما استغله الممثل محمد سعد حتى عودته إلى عرفة، وواصل المخرج التعاون مع نجوم هذه المرحلة بمشاركة كتاب السيناريو الله ثم مدات العدل ثم محمد وخالد دياب في الفيلم. . “الجزيرة”.
لكن، في السنوات العشر الأخيرة، فقد عرفة هذه البوصلة التي سمحت له بالانضمام بسرعة إلى موجة المرحين المسؤولين بشكل كامل عن كتابة فيلميه الأخيرين “جريمة” و”اللعب مع” مع وضوح لمسته ككاتب سيناريو في أفلامه السابقة مثل “الكنز” بجزئيه الأول والثاني. «العنس والنام».
قد يكون لدى المخرج أفكار جيدة تكون في الواقع بمثابة قصص لأفلامه، لكن في حالة عرفة على وجه الخصوص، فهو يحتاج إلى كاتب سيناريو محترف لصياغة هذه الأفكار في سيناريوهات احترافية.
الدفاتر القديمة والرسائل المباشرة
وحتى أهم المخرجين قد يقعون أحياناً في فخ المباشرة والرسائل الأخلاقية الواضحة، لكن عندما تهيمن هذه الرسائل على السيناريو وتتحول إلى خطابات وعظية، فهذا وضع آخر يضعف العمل الفني، ويخرجه من سياقه. ، ويجردها من جماليتها.
كل هذا نجده في أفلام عرفة الأخيرة، فلم يكن فيلم “الكنز” بجزئيه الأول والثاني سوى رسالة أخلاقية طويلة استمرت حوالي 4 ساعات عن تاريخ مصر، بينما “اللعب مع الأطفال” للمخرج. الفيلم الأخير، يأخذه من عالم المباشرة إلى الكسل الظاهري، حيث البطل مدرس شاب (محمد إمام)، يتم نقله إلى قلب صحراء سيناء، ويلتقي بشرير الفيلم أبو مزوم (باسم سمرة) ). ووعد بإبقاء حياته بشرط واحد: ألا يعلم أبناء القبيلة تاريخ مصر، دون أي مبرر حقيقي أو قوي لهذا الطلب الغريب.
لكن “علم” يتمرد على هذا الوضع في النهاية، ويجلب على نفسه الكارثة عندما يخرج بمساعدة الطلاب مسرحية مدرسية تظهر لمحات من تاريخ مصر القديمة والحديثة، ويثير كراهية أبو معزوم عندما انه يدرس. ويحيي الأطفال العلم، أي شعار “تحيا جمهورية مصر العربية”، وكأن أبو معزوم ينتمي للكيان الصهيوني وليس مجرد تاجر سلاح ولص عادي.
“اللعب مع الأطفال” هو نسخة باهتة من فيلمين قديمين لعرفة، “على الطريق إلى الحدود” و”الناظر”، ويجمع بين علم وعبود حيث يتم نقلهما رغماً عنهما إلى الصحراء. حيث تتغير شخصياتهم ويصبحون نسخًا أفضل من أنفسهم ويتعلمون معاني الوطنية الحقيقية والرجولة رغماً عنهم، بينما يتقاسم لالام وصلاح -بطل “النزار”- الحقيقة. أن كلاهما يعمل في مجال التعليم وهو ابن لأب مستبد، طاغية يصر على إدارة حياة ابنه، لكنه يجد في تعليم الأجيال الجديدة منفذاً لتحسين حياته ويكتشف أن المستقبل هو شباب بلاده . أهم من اهتماماته الشخصية.
تجمع هذه التشابهات بين الإفلاس الفني وعودة المخرج إلى أعماله القديمة، والمباشرة الشديدة. لأن ما أخذه عرفة من هذين الفيلمين هي الرسائل الأخلاقية دون الكوميديا، والتي لا تزال مؤثرة حتى اليوم رغم مرور أكثر من عقدين على عرض هذين الفيلمين، وهو ما يوصلنا إلى أهمية دور كاتب السيناريو الذي هو قادرة على تحويل الرسائل المباشرة إلى عمل فني يستحق المشاهدة.
#رحلة #السقوط #الحر. #المخرج #شريف #عرفة #تحت #المجهر