الرئيسية

فيلم “وحشتيني”.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين

#فيلم #وحشتيني. #سيرة #ذاتية #تحمل #بصمة #يوسف #شاهين

بدأت منصة نتفليكس مؤخراً بعرض فيلم “اشتقت لك” للمخرج تامر روجلي، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرج في مهرجانات زيوريخ وبكين.

“اشتقت لك” جمع أبطالاً من عدة دول، في مقدمتهم نادين لبكي من لبنان وفاني أردينت من فرنسا، ومن مصر مانا البطراوي وإيما سالوسة وليلى عز العرب وغيرهم.

يقدم الفيلم قصة يمكن أن نعتبرها تحمل ختم المخرج يوسف شاهين، فهي قريبة من جوانب عدة أفلام سيرة ذاتية أخرجها يوسف شاهين، خاصة “قصة مصرية”.

اشتقت لك الفيلم
الملصق الترويجي لفيلم “اشتقت لك” (الجزيرة)

تبدأ أحداث فيلم “افتقدك” مع بطلة الرواية سو (نادين لبكي)، طبيبة نفسية تعمل في سويسرا، عندما تتلقى اتصالاً من خالتها إنجي (مهنا البطراوي) في القاهرة، التي تخبرها أن والدتها مريضة وتسألها لتعود فورًا وتذهب إلى الإسكندرية للاطمئنان على حالتها.

تنطلق سو في رحلتين، الأولى من سويسرا إلى القاهرة ثم إلى الإسكندرية، والثانية نفسية، تتعمق خلالها في ذكريات طفولتها وشبابها المؤرقة.

ولا يرى المشاهد سوى فيروز (فاني) أردينت، والدة سو، وهم يلاحق ابنتها كشبح من الماضي، أو صوت يسكن رأسها، يراجع كل تصرفاتها وينتقدها بشكل سلبي، يحاول التصالح معها. ومن ثم يجعلها غاضبة.

وفي هاتين الرحلتين، يتقاطع الفيلم مع رحلة يحيى المادية والروحية، بطل «حكاية مصرية»، الذي يخضع لعملية جراحية خطيرة في القلب، وأثناء استيقاظه يغوص في ماضيه، حيث تطارده روح شقيقه. الأم، المرأة التي كرسها وذاك.

ويجمع الفيلمين ليس فقط المواجهة مع نفسه، بل أيضًا عدة تفاصيل أخرى، خاصة “الطفل الداخلي” في “قصة مصرية”، يبدو أن هذا الطفل الخيالي يحمل يحيى وعائلته مسؤولية أخطائه. في الواقع، يكاد يقتل النسخة الحقيقية من نفسه. تصاب الممثلة في يحيى/نور الشريف بالمرض عقاباً لها على الأخطاء التي ارتكبتها والتي أدت إلى شعورها بالاكتئاب والاختناق.

وبينما لم تظهر شخصية هذا الطفل بشكل واضح في فيلم “اشتقت لك”، فإنه يدخل حياة البطلة فجأة بعد علمها بمرض والدتها، ويرافقها في رحلتها النفسية والحقيقية، وغالباً ما تكون مضطربة وخائفة وقلقة. وتارة أخرى، حتى تكتشف البطلة سو أنه نسخة مصغرة منها، الفتاة الصغيرة التي أجبرتها والدتها على قص شعرها حتى لا يظهر جمالها وتنافسيتها، فتهرب من المكان. تم الضغط عليها في الشراهة العاطفية واكتساب الوزن الزائد الذي خجلتها والدتها طوال حياتها، الطفلة غير الملائمة التي، بمجرد أن مرت بمرحلة الطفولة، تخلت عن عائلتها بشكل لا رجعة فيه.

ونجد نقاط تشابه إضافية في لغة الفيلم التي تنتقل بسلاسة بين العربية والفرنسية، وفي وضعية أبطال الفيلم الذين يتشبثون ببقايا أرستقراطية عابرة تجعلهم متمسكين بتقاليد تخلى عنها الكثيرون، وبالتالي المتبقية على هامش الزمن، بالإضافة إلى الحضور الراسخ للإسكندرية الذي كان حجر الزاوية في فيلمين من أفلام السيرة الذاتية لشاهين، “الإسكندرية لماذا؟” و”الإسكندرية مرارًا وتكرارًا”، بينما عنوان فيلم “اشتقت لك” باللغة الإنجليزية هو (العودة إلى الإسكندرية)، وفي نهاية الفيلم تظهر البطلة وهي تنظر إلى بحر الإسكندرية من نافذة في لقطة مشابهة لتلك التي يظهر فيها يحيى الذي لعب دوره شاهين في فيلم “الإسكندرية مرارا وتكرارا” وهو يتأمل مدينته المفضلة.

فيلم اشتقت لك، حساب IMDB في X
من خلال الحوار بين بطلة الفيلم ومخلوقات الفيلم الحية وأشباحها، يستعرض الفيلم تفاصيل طفولتها الحزينة (مواقع التواصل الاجتماعي)

أسامحك لكني لا أحبك

“وحشتيني” لا يأخذ شكل سيرة ذاتية من أفلام شاهين بصراحة، لكنه في الواقع أحد تلك الأفلام، بحسب تصريحات المخرج أن بطلته سو مستوحاة بشكل كبير من شخصية والدته. . ومعاناتها في علاقتها مع عائلتها، بينما يستشهد بالعلاقة الغامضة بين سو ووطنها مصر، تنبع من علاقته الشخصية مع ذلك البلد فيصبح عنوان “اشتقت لك” هو الأم المريضة وكذلك بلده.

يعرض الفيلم قصة امرأة تحاول بشجاعة التغلب على ماضيها وعلاقتها المسيئة مع والدتها، وكلمة الشجاعة مناسبة هنا في ظل هالة التبجيل التي تحيط بشخصية الأم في الآداب الاجتماعية وحتى في أعمال فنية.

لا تتعامل سو مع والدتها إلا في ذهنها كشبح تراه يمثلها فقط، وخلال رحلتها من القاهرة إلى الإسكندرية تقوم بجمع شظايا من ماضي هذه الأم، إما من العمة أو السائق، وهو ما يمكن أن يبرر بعض التهم. تصرفات والدتها فيروز (المتحمسة).

تتماهى سو مع فيروز كامرأة تفهم مأساة أخرى، وهي أن الأخيرة تعيش في ظل عائلة متسلطة أجبرتها على الزواج من شخص يكبرها بسنوات عديدة، وحرمتها من حبها الوحيد، لتعيش حياة جافة ليس لها سوى جمالها وأناقتها. . مما يريحها، حياة مليئة بالمرارة في نفس الوقت، تشعر سو… أنها تحمل ضغينة ضد فيروز باعتبارها الابنة التي عانت طوال حياتها بسبب والدتها التي تسيء معاملتها.

ومن خلال الحوار بين بطلة الفيلم والكائنات الحية في الفيلم وأشباحها، يستكشف الفيلم التفاصيل الحزينة لطفولتها. يختار الملابس، ويدرب الببغاء على مهاجمة الفتاة حتى يقطع جزءًا من أذنها في إحدى المرات، ويترك أثرًا جسديًا لهذا العنف، وبعد ذلك، عندما يصبح الطفل صبيًا، يصبح العنف من نوع مختلف عندما تفرقها من حبيبها، زاعمة أن السبب هو الفروق الطبقية، في حين أنها في الواقع تنكر سعادتها في حب ابنتها الصغيرة، بينما تعيش (فيروز) حياة بائسة نتيجة رفض عائلتها لقصة حبها الشخصية.

وفي لمحات بسيطة، يكتشف المشاهد تأثير هذه التفاصيل المريرة على حياة سو البالغة من العمر أربعين عاماً، رغم كل هذه السنوات شطيرة الفول رغم جوعها من الخوف من روح والدتها التي تذكرها بوزنها ووزنها. اضطراب القولون نتيجة طعام الطفولة. والمفاجأة أن قلبها يستجيب لمغازلة السائق الوسيم الذي يذكرها بحبيبها السابق.

“وشتيني” يتفحص جرح العنف الأسري، حتى لو مرت سنوات، بطريقة ناعمة وحميمية تأتي أصعب جمل الفيلم، حاملة خلفها كل محاولات التعافي التي بذلتها البطلة للتخلص من هذا العبء. على لسانها عندما تقول لشبح والدتها: “سامحتك، لكني لا أحبك”.

#فيلم #وحشتيني. #سيرة #ذاتية #تحمل #بصمة #يوسف #شاهين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى