الرئيسية

الناقد إبراهيم العريس: نجيب محفوظ لم يحب أفلام رواياته | فن

#الناقد #إبراهيم #العريس #نجيب #محفوظ #لم #يحب #أفلام #رواياته #فن

الناقد السينمائي والمؤرخ الثقافي إبراهيم العريس هو أحد المثقفين والكتاب الذين كرسوا حياتهم للمعرفة. حول حياته إلى ملحمة ثقافية انخرط خلالها في الترجمة والبحث وكتابة السيناريو والإخراج السينمائي. واشتهر كأحد أبرز النقاد العرب.

أصدر العريس حتى الآن أكثر من 30 كتابًا مؤلفًا، وأكثر من 40 كتابًا مترجمًا، والعديد من سيناريوهات الأفلام المشهورة، وموسوعة السينما بأجزائها الثلاثة: قاموس الفيلم، وقاموس المخرجين، وبعد ذلك. الكتاب الثالث “السينما والمجتمع دراسة تحليلية تاريخية”.

الجزيرة نت تجري حوارا مع المثقف العربي البارز إبراهيم العريس بمناسبة صدور كتابه الأخير، وهو الجزء الثالث من موسوعته عن السينما، تحت عنوان: “السينما والمجتمع في الوطن العربي”. ..دراسة تحليلية تاريخية.”

البداية كانت من تاريخ السينما وارتباطها بالسيرة الذاتية:

  • ذكرت في الكتاب أن كتابة تاريخ السينما هي كتابة زمن عشت فيه، فهل كانت المدونة صدى لسيرة حياتك عن عائلة فنية قذفتك في نهاية المطاف إلى حياة فنية وصحفية عاصفة؟

لا شك أن كتابة هذا التاريخ تنبع جزئياً من رغبتي الخفية في كتابة سيرتي الذاتية من خلال بعض الأفكار التي أردت التعبير عنها هنا، لكن من يتابع كتاباتي يستطيع أن يفهم هذا الأمر في النهاية، ويمكنني أن أتبنى هذه الفكرة التي ويقول إننا في نهاية الأمر لا نكتب إلا عن أنفسنا، مهما كانت موضوعية التاريخ الذي نتعمق فيه.

بوابة التراث الإنساني – إبراهيم العريس (مواقع التواصل)
بوابة التراث الإنساني للناقد إبراهيم العريس (مواقع التواصل الاجتماعي)

اندفاع حزين من السينما

هل السينما حقا عبرت عن وجهة نظر الروائيين العرب في كتابتهم عن مجتمعاتهم، وهل استطاعت السينما أن تقدم نجيب محفوظ للمشاهد بنفس المستوى الذي كتب به رواياته؟

وفي كثير من الأحيان، فشل المخرجون العرب الذين اقتبسوا أعمالهم من نصوص خيالية في التعبير عن هذه النصوص، باستثناء خيري بشارة في «الطوق والسوار» المقتبس من نصين ليحيى الطاهر عبد الله، أو داود عبد السعيد في “كيت كات” مقتبس من “ملك الحظ”. بقلم إبراهيم أصلان وصلاح أبو سيف، نقلا عن روايات أدباء مثل يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس – وروايات الأخير.
كتب نجيب محفوظ نصوصه على أية حال، ومن ثم لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأعمال الأدبية التي يمكن أن تعبر عن أدب عبد القدوس، أو حتى تبدو صادقة. نسبة الفائدة الرائعة التي دفعها عبد القدوس للطبقات الوسطى فهمها نجيب محفوظ، لكن يمكن القول إن هذا الاستثناء لا يثبت شيئا على الإطلاق.

مدونات نجيب محفوظ
نجيب محفوظ (مواقع التواصل الاجتماعي)

أستطيع القول إنه في أغلب الأحيان، عندما قام صناع الأفلام بتكييف أعمال أدبية، بدت أقل أهمية من الروايات نفسها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن فوز فوز ظهر، في مناسبات عديدة عندما تحدثت معه عن “تحويل” رواياته إلى أفلام. يضحكون ويضحكون بمرح، وربما أيضًا بسخرية، وهم يراقبونهم. حتى أن عقلانيته وحكمته جعلته ينظر إلى الأمر من ناحيتين، أولهما أن جمهور السينما هو من أوصل هذه الروايات لملايين المشاهدين. كان من المستحيل حمل كتاب.

الجانب الآخر هو أن الفيلم لم يلغي وجود الكتاب، إذ «يبقى الكتاب على حاله، لكن عدد قراءه زاد»، مشيراً إلى أن الأفلام المقتبسة من رواياته تبقى في النهاية جيدة. بوابة للحصول على قراء جدد. إلا أنه عندما شاهد روايتيه الرئيسيتين “البداية” و”النهاية” و”زقاق مدق” اللتين تقدمهما السينما المكسيكية، عبر لي عن حزنه قائلاً: لماذا لا يتمكن صناع أفلامنا من تحقيق مثل هذه التعديلات الممتازة؟

غياب اللغة السينمائية

تقولون أن أقوى الأفلام العربية مقتبسة من الروايات، لماذا لم يخلق المخرج الرواية باللغة السينمائية بدلا من تصوير الرواية المكتوبة؟

نعم أقولها، ودائما أسميها من منظور عملي، فإذا استعرضنا مئات الأفلام العربية، وخاصة الأفلام المصرية، التي تعتبر دائما إرثا إبداعيا كبيرا في تاريخنا الثقافي، سنجد أن الأفلام التي وتبقى الأكثر تميزا هي تلك التي قدمت ما يمكن أن نسميه “الفيلم الأفضل في التاريخ”. “دور السينما العربية”، ولعل أغلبها كانت إنتاجات يمولها القطاع العام في الدول الموجودة وليس في مصر فقط. ومن ناحية أخرى، لا بد من الاعتراف بأن هذا الإنتاج لم يكن الأكثر ربحية تجاريا، علما أن دور السينما المربحة ماليا هي التي منسية اليوم.

السينما والتاريخ

في موسوعتك السينمائية: قاموس السينما، قاموس المخرجين، ثم “السينما والمجتمع: بحث تحليلي تاريخي” – تجربة تاريخية للسينما العربية ما المنهج الذي استخدمته؟

التاريخ الحقيقي ليس التاريخ الذي يتحدث عن الحروب ومؤامرات القصور والفتوحات وما شابه ذلك، بل هو تاريخ الاقتصاد والأديان والفنون.

وأنا أتحدث هنا عن تاريخ العقلية التي تتطور عادة بوتيرة أبطأ بكثير ولكنها أكثر رسوخا، وتتأثر بالفنون والعادات الاجتماعية وتلاقح الحضارات والهجرات الشخصية أو الجماعية، وربما بشكل دائم. والعلاقات المتبادلة المستمرة بين الجغرافيا والتاريخ والاكتشافات العلمية وما إلى ذلك.

نيتي في كتابتي هو تاريخ شامل، تاريخ يجمع بين الاجتماعي والنقدي والجمالي وأخيراً العملي، على أن يستكشف العلاقة التطورية والمتبادلة بين السينما العربية بمختلف تعبيراتها الجغرافية، على أن يربط بين العالمين. الفيلم الذي يستحق هذا الاسم باعتباره عملاً فنياً إبداعياً أولاً وقبل كل شيء، بالنسبة لمبدعيه الرئيسيين، وخاصة كاتبه ومخرجه، يلعب المجتمع دور الملهم والمتلقي دون أن يكون هو من يصنع الفيلم.

وبهذا المعنى أقول إن هذا التاريخ الشامل لم يُكتب بعد. أما “ثلاثيتي” التي أكملتها بالجزء التحليلي التاريخي الذي أصدرته مؤخرا الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة، فلا أراها إلا اقتراحا لا بد من استكماله من بعدهم من الكتاب والنقاد الذين يتبعون أسلوبا آخر. العملية التي أعتقد أنه من المستحيل الانتهاء منها، لأنها تاريخ مستمر لا يمكن أن يتوقف ليوم واحد، ولو بشكل متقطع.

التاريخ السياسي المصور

لقد أحصيت ودرست أكثر من ألفي فيلم مصري وعربي على مدى 80 عاما، فهل يمكن أن نجزم بأن الأفلام أسست وكرست تاريخا فنيا يرصد ويصف التاريخ السياسي؟

نعم، وهذا ما أراه فعلا، انطلاقا من انتمائي إلى مدارس التاريخ الجديدة، وخاصة مدرسة “الكتاب الفرنسي” التي تؤمن بأن التاريخ حركة مستمرة، وأنه يشمل كل التواريخ، ليصنع تاريخا شاملا . بينما يعمل التاريخ القديم على الأحداث الكبرى والحروب والانقلابات في البلدان المختلفة، فإن المسارات كتاريخ، بالنظر إلى تفاصيل ما لا ينتمي إلى نفس السياسة، هي فقط ثابتة ولا تتغير أهميتها.

طوال القرن العشرين، لعبت السينما دورًا أساسيًا في التغيير الاجتماعي من خلال تغيير العقليات لخلق ما يسميه علماء الاجتماع “الطبيعة الثانية”، خاصة في المجتمعات الحضرية للطبقة المتوسطة.

وهذا أمر أصررت عليه في ثلاثيتي، بل وأربطه بانهيار المدن لصالح الهجمات الريفية، التي لا تستطيع إنتاج ثقافات، وخاصة الثقافات المرتبطة بالسينما، ولا يمكنها إنتاج وطن إلا إذا مرت بالمرحلة أولاً “لخلق طبقة وسطى “حضرية””.

يوسف شاهين
يوسف شاهين (الجزيرة)

المخرجين ورواة القصص

كتبت عن تاريخ المخرج الذي يقوم العمل الفني على كتفيه، هل نجح المخرج السينمائي في الترويج للسينما العربية، ومن هم أبطال الثورات التحررية الفنية في السينما العربية الحديثة؟

وإذا كانت السينما صناعة مرتبطة بتنمية المجتمع، فهي كغيرها من الفنون، فن ينشأ من رؤية المبدع الحقيقي الذي قد يكون الكاتب أو المخرج، وفي كثير من الأحيان كليهما.

ومن هذا المنطلق، وبالتأكيد لأن الفيلم، قبل أن يصل إلى المشاهد، هو عمل من كل الفنون تقريباً، فهو يبدأ بالحوار القادم من المسرح، مروراً بالفنون البصرية والموسيقى والتمثيل والرسوم المتحركة الفوتوغرافية، على طول الطريق. إلى علم النفس والتحليل النفسي والتشريح وكل ما تريد من الفنون. وبذلك يكون الفيلم فنونًا متعددة في فن واحد.

ومن طبيعة الأشياء قد نخصص المقام الأول للمخرج وشريكه كاتب السيناريو، بدءاً بالموضوع ومفهوم أدائه، لكن بما أن المخرجين وأصحاب القصص والسيناريوهات عندما “يجتمعون” في مبدع واحد نحن، بحسب المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو، أمام “سينما المؤلف” لأنهما الأساس في خلق… الفيلم، كأهم صناع السينما.

والحقيقة أن لدينا أسماء واضحة هنا في دور السينما في العالم العربي، من يوسف شاهين وصلاح أبو سيف إلى محمد خان ورضوان الكاشف وعشرات غيرهم، مروراً بمحمد الأخضر حمينة، ومرزاق الواش، ونوري. بو زيد، فريد بوغدير، برهان علوية، مارون بغدادي، محمد ملص والقائمة تطول، والذين سيرتهم مليئة بالصفحات هم من أهم أجزاء ثلاثيتي.

كما أن هناك أكثر من 200 مخرج سينمائي آخر صنعوا بمواهبهم وثقافتهم الجسم السينمائي العربي الكبير الذي يعيش ويعيش كجزء من الإبداع العربي، من خلال الألفي فيلم التي ذكرتها، دون أن نذكر آلاف الأفلام التي وصلت إلى الإعلانات التجارية. نجاحات ترتبط للأسف بالتخلف الاجتماعي الذي نعيشه اليوم.

#الناقد #إبراهيم #العريس #نجيب #محفوظ #لم #يحب #أفلام #رواياته #فن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى